2015/04/24 | 2 | 7048
من أهازيج المتعبين .في الأحساء .
- مقدّمة :
الأعمال الشاقّة تحت لسعات أشعّة الشمس المحرقة , في البناء و أعمال الزراعة , و غيرها من المهن و الحرف الأحسائية كانت تمتزج بأشعار و مواويل النّهامين و المنشدين , الذين يبعثون فيهم الحماسة في العمل , و يقطعون رتابة الملل الذي يصيب الحرفي و يسّلونه .
نماذج :
هذه القصيدة لزيد الدريع و هو شاعر من أهالي فريج السياسب بالمبرّز , و كانت تنشد في العرضات , في الأعراس و الأعياد كما كان يرددها البنّاية ( البناؤون ) أثناء العمل لأثارة الحماسة لديهم .
يا الله إنك مأمّن للعبيد
ترزق النّفس بعد امحالها .
ترحم اللّي تهيّض بالنّشيد
في مدح لابةٍ بأفعالها
يوم صاح مصيّحٍ بالوكيد
قيل محمود جا بأدوالها .
احتسينا و طلّقنا العديد
و العذارى بكت لارجالها
حنّا أهل الباس و العزم الشديد
حومة الموت نورد جالها .
لو غزينا على الطّولة نزيد
نشري الرّوح من دلالها .
دولةٍ ما حكم فيها رشيد
حاربتنا و حنّا عيالها .
اشهد الزّين فيهم ما يفيد
و ما يفكّ العزيزة ما لها .
و من نشيد الفلاحين :
أنا الونّيت و الونّة اعدمتني
عليل و يشيل السّلب متني
عساك بحالتي ياللّي لمتني
تموت و تاكلك خسّ الكلابِ
- منشدي
- موسى العليّان ( من المجابل ) , و و هو شاعر جاسم الرّشيد ( من القديمات , و قد امتاز بشعر الألغاز ) و جاسم الجوهر ( من الشّعبة ) و موسى بو موزة من الشّعبة , عيسى العميرين .
و من القصائد اللي يرددها البنّاية أيضا قصيدة لابن لعبون :
يا الله يا منشي عظيم الطّهر يا مالكٍ روض الحيا من تهلّ
تجبر عزايا الشوق حالي سلّها
تسقي النّعاثل من سحاب المطر و البرق يبرق و الرّعد في قفاه .
حيث انها مربى ظبيّ عفر يذبح إلى ما انه كشف عن غطاه
لا من رمى الشّيلة و بان النّحر و مجدّلات يا حمد من قفاه
لا من همصته بالفراش اعتفر يلحظ بعينه كن فيها جذاه مسكين يا من غلّق عليه القصر شكواه لله لا أحد سواه .
يذكر الحاج عبدالله المعيوف :
( عملت في البنيان فترة من الزمن , و في أيام القيظ الحارّة و عندما تزداد حرارة الشّمس يشرع بعض البنائين بالإنشاد و هذا النوّع من الإنشاد يسمى الفنّ و ممن ينشدونه حسين الجدي و جاسم الجدي و عبدالرحمن الحمادي و حسن الحمادي و حسن الفرحان , و خليفة الشّيخ صالح و حسن العبدالسّلام و يوسف العيسى و حسن الشّبعان ..و و عادة يطلب من صاحب المنزل في ذلك الوقت إعداد الشاي .. و كان هذا الإنشاد يذهلنا عن حارة الشّمس و التّعب )
- و يقول الراوية الملا علي بن معتوق البراهيم :
- من قصائد البنّاية قصيدة لصالح العبيدان من أهل السياسب , عند دخول الملك عبدالعزيز للأحساء عام 1331هـ .
و يا الله المطلوب يا جزل العطايا يا لطيف .
و يا من له الشكوى لمن دقّ بابه عطاه .
و تعزّ شيخٍ ما مشى بالحكم مثله وصيف
هجّد الحصون الرّواسي و كلّ قصرٍ فضاه
مع سلّة العوجا تحدّر مثل وادي حنيف .
و دقّ السّهل و الوعر من زود سيل حداه .
و لا جيت ناصي عند ابو فيصل لقيت المضيف .
و تسمع صهيل الخيل عنده تعجب اللّي نصاه .
و سلام يا سلطان نجدٍ و الحسا و القطيف .
و المجمعة و اهل الجبل و سدير طاعت معاه .
جاته الهدايا حدّ ت له من بلاد الشّريف
سبحان من بأمره بسطها له و جدّه عصاه
صالح تمثّل يوم هجرٍ جاها وحيف
. جاها إمام قايمٍ بالدّين و الله معاه
- موّال :
ايه ايه
انا ونّيت ما ني به
و حسبي على من لامني في ولوفي
ولفيي اليوم ضيّع وليفي
و اللّي يحبّك ما تغترك مالي
و يا زين عطني حبّة من ثناياك
بأبرد بها قلبي ترى الموت ياني
يبه ولا تسألني دايم الدّوم وياك
و لا بد ما يفرق شعبنا الزّماني
و شلّي جاك منّي و جي منّك من الطّيب
الا لهايج الدّنيا اللّي عزتك عنّي .
- مسناية :
و هي أهازيج تنشد أثناء ( تسنية ) العيش الحساوي و هي عملية متعبة و مجهدة حيث يقوم المزارع بغرس بصيلات العيش في الضاحية و قد غمرتها المياه حتى منتصف الساق تقريبا و هو عمل جماعي في العادة و يتقدّم المزارعين أحدهم لينشد بعض الأهازيج التي تروّح عنهم تعب هذه العملية المجهدة و منها هذه المسناية .
و هلل يا مهلل و اذكر الله ( يردد الحضور.. لا إله إلآ الله )
ها يا محمد يا رسول الله . ( يردد الحضور .. عليه سلام الله )
عليه سلام الله
محمد النبي مات
علي يانور المسلمين علي يا مشيّد الدّين ,
اللّي شرى طوس و حتى المناير سلّمت .
من يوم شيلت الرّوس راس الحسين العالي
داسوه بالنّعالي
راس الحسين الطاهري داسوه بالحوافري
اسم الحسين النيرّ في كربلا متحيّر
يا كربلا يا كربلا يا المصايب و البلا .
يا كربلا حويتيه عطشان ما سقيتيه .
و إن كان هذي كربلا حطوا المحامل و انزلي .
يا كربلا يا الخضرا حويتي عيال الزّهرا
و جاني السّرج خالي حريم من غير والي .
و جاني السرج مركوس حريم تصفع على الرّوس .
عباس يالعجولي على العدوان جولي .
عباس يا عضيدي خليتني وحيدي .
- ة من تلك القصائد أيضا :
البارحة نام الملا ما هجاني
بايت سهير من يوم الملا ذاق
و اطوّح الونات مع نالي و الدم سافح فوق الاوجان .
بشدا هاجوس بحرٍ صلاني . همٍ و ليعاتٍ لك الله و أحزان .
إن بغيتني يا زين كل الرعابيب و إن عفتني يا زين ما هي غصيبه .
ارحم يرحمك الوالي عالم الغيب . اللّى عيونه على كل الخلايق رقيبه .
و إلا كما برق في مشعل الزّين أو كما بدرٍ غبا في مغيبه
ادعوا معي يا رافع الكفّ آمين إمّا يحين الحون و إلا يعينه .
كلا على شفة تعرت لي الشين .الله يا قلب تزيّد حنينه .
وش فيك يا نفسي كلّا تحنّين . قالت على فرقا وشوف المحبّين .
من أصبحوا كل خدن بخدينه
- و من الغزليات التي يرددها الفلاّحون :
قل ما عليه قل ما عليه خلّ الهوى وش لك عليه .
يا رايحٍ صوب الحبيب اسلم و سلم لي عليه .
يا ذا الورد يا ذا الورد رغما على القصّة ورد .
جرح الهوى ما له دوا و يجتل الا إنه ورد
جيته يميل و يستميل و مكحلٍ عينه بميل
الأسمر جتيل و أنا جتيل و الله حسيب الظالم .
جيته على سطح لأبوه والوجه يوضي كلّ ابوه
يا ليت أبوي أخ لأبوه لأشرب ثنايا معسّلة
جيته على المصعد صعد في وجنته نجم و صعد
حلّ الوفا هذا الوعد هذا مكان صويحبي
جيته على درب الحقل يمشي و في ساقه حجل
ما ادري عزب لو خذ رجل . امشوا معاي نسأله .
كما أنّ هناك فنونا استلت من تلك الأهازيج التي يقوم الفلاحون بأدائها أثناء الحصاد مثل ( دقّ الحبّ ) حيث كان الفلاحون يضعون سنابل الحبّ الحساوي على سمط من الخوص في أكوام و يدقون السّنابل مستخدمين عيدان جريد النخل في حركة دورانية منشدين بعض الأهازيج و لقد انتشر هذا الفن من الأحساء لسائر الخليج , صار يمارس حتى الآن في العروض الشعبية .
- و من القصائد التي تتلى في هذا العمل قصيدة بن لعبون :
ونيت ونة عليل يداوونه
و يطوّح الونات عند الأمريكاني
و قالوا المهنا يا هله لا ترجونه .
و من فات يومه ما تلا يوم دفانه
و على عشير يذبح الناس بعيونه
و من هو صدر يشبه خوخ بستان
و المظهر الثاني لفنون الحصاد , هو استعمال المهباش و الميجنة حيث يتقابل رجلان أو أمرأتان لدقّ الحب و يرددون بعض الأشعار المحّنة و هو كذلك لازال يستخدم في العروض الشعبية .
- و من القصائد التي تقال في دقّ الحبّ قصيدة فهد بو رسلي ( )
و يا هل الشّرق مرّو بي على القيصرية
و عضّدوا لي تلقون الأجر و الثّوابي .
طحت بينكم ردّوا ثيابي عليّا
و الحمول الكسير اللّي على الّدرب طايح .
و خبّروا دختر العشّاق يكشف عليّا
كود يسطي على جرحي و يبري صوابي
و افرشوا لي سرير من القمر و الثّريا .
- من أهازيج الحمّارة :
يذكر الباحث التراثي الأستاذ طاهر بن معتوق العامر ( بو عبدالستار ) :
أنّ أصحاب القواري و الحمير الذين يعملون في الأسواق قديما لحمل أمتعة النّاس و حاجاتهم , كان الواحد منهم يتفاءل بخزّ عصاته في الهواء لتحدث صوتا كالحفيف نظرا لتلاطمها مع تيّار الهواء فيقول عندئذ :
يا عصيّتي يترزّقي فيه رزقٍ و إلا أرقدي
فإنّ لم تحدث صوتا كحفيف الشّجر ظنّ أنّه رزق له فيخرج من السوق و هو حزين !!
فإن حصل على رزق يرضيه قال :
يا عصيّتي كذبتي رزقي قعد و أنتِ رقدتي .
فإن حصل العكس و أحدثت صوتا و تفاءل به و لم يحصل رزق قال :
يا عصيّتي كذبتي لا رزقي قعد و انت رقدتي . )
- نظرة عامة و سلوكيات عامة :
تشتمل أناشيد الكادحين على أشكالا عديدة تتدرّج من الأصوات اللّغوية و الكلمات المموسقة , و الأهازيج و الأشكال الشعرية من البست , و الدّارمي و الأبوذية و الموّال , الزهيري , و قصائد العرضة , و القصيد .
في الغالب يبدأ الإنشاد بذكر الله و تحميده و تمجيده و تذكّر إنعامه جلّ شأنه , ثمّ الصلاة على النبي محمد صلّى الله عليه و آله , و تعداد مناقبه , و الثناء عليه , مدح الآل عليهم السلام و تعداد فضائلهم .
و يكون كلّ ذلك بأسلوب يجذب مستمعيه لجواب مردد مناسب , فعند طلب ذكر الله جل شأنه , يردد المستمعون عبارات مناسبة مثل ( لا إلا الله , سبحانه الكريم , الله القوي العزيز , ما شابه )...
و عند ذكر النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم , ي ( تردّد , عبارات الصلاة و السلام عليه و آله ...) .
و من هذا يتخلّص الشاعر كما يسمّى في القرى الشرقية أو النهّام في القرى الشمالية و المبرّز لقصائد الغزل و الحنين للمحبوب .
و أحيانا قد تختار قصائد الفخر و الحماسة من شعر العرضة , أثناء القيام بالأعمال الجماعية الشاقّة و التي تحتاج لتحميس العاملين , كندار الأرض , أو حمل الأحجار و اللبن , الفطيات أثناء البناء .
- و منها قصيدة حمد المغلوث ( ت 1349هـ ) المشهورة :
يا ربّ صبّرني على امرك و بلواك
و اجبر عزا من شاف ضيم العزاير .
مثل الدّيك اللّي على حوض الأدراك
يبكي على فرقا الأهل و العشاير
و هناك مواسم زراعية يكثر فيها المنشدون أو النهّامة , كما يذكر الحاج محمد الزهر اليوسف :
( في موسم الجنامة – نضد أشواك السعف - يتناغم النهامون كما تتناغم البلابيل , على أغصان الشجر و السّعف و تتداخل أصواتهم و يشرعون في تحدّي بعضهم بعذوبة الأصوات , و قد يشير بعض الحضور حول كلّ نهّام أن يجوّد صوته و يزيده عذوبة و يختار من أرقّ القصائد و أعذبها ليسكت من إلى جواره , و هكذا يخضع كلّ واحد للآخر إلى أن ينفرد واحد فقط يستمع له الجميع .
و قد يتفاعل الحضور وقت العمل مع الإنشاد و النّهمة بحيث إن كانت حماسية تزيدهم سرعة و إنجازا , و إن كانت حزينة , ربما أبكتهم جميعا حتى يتوقفون عن العمل ) .
بعض المهن التي تمتاز بالدقة العالية مثل الصّياغة و الصّفارة
و خياطة البشوت , يندر- و لا تنعدم - أن تكون لها أهازيج , لأن الصانع فيها يكون محتاجا لكامل توجهه لمنتجه .
لكن الأمر لا يمنع أن يقوم الصّائغ بطرقات موسيقية على أدواته و عدّته و على المشغولات تحكي كلمات مموسقة أو قصائد معروفة
خاصة في أيام العمل المتعبة المتواصلة خاصة إذا وصلت أوامر الشيوخ ( أوامر حكومية ) بتصنيع دفعات كبيرة من السيوف و الخناجر و غيرها فيضطر الصاغة لمواصلة الليل بالنهار في العمل فيقطعون رتابة العمل و ملله بهذه الطرقات و التي كان من المعتاد أن يصدرها المعزّب ( ربّ العمل ) فيتجاوب معه البقي ابتداء من الأقدم باعتبار توافر الخبرة لديه ,
كانت هذه الطرقات بموسيقاها تستوقف المارّة و خاصّة السياح الأمريكان و الأجانب الآخرين الذين يرتادون أسواق الأحساء للذهب في الهفوف و المبرّز .
و أحيانا تستخدم تلك الطّرقات كلغة خاصّة للتحذير من سارق أو إعطاء انطباع عن زبون لا يحسن سماعه منه .
كما أثر عن مجموعة من الصاغة شأن كثير من المهنين اللآخرين تلاوة شيء من الذّكر الحكيم سيّما سورة الإنسان .
و قد ذكر المؤرخ الشيخ جواد الرّمضان , أنّ أحد المخايطة و أبناؤه و كلهم يعمل في خياطة البروج – أحد مراحل البشت الدّقيقة - يقوم بتحميسهم لمواصلة العمل و العمل بهارمونية متسقة فيردد كلمتين أثناء نزول و صعود الخيط ( أطلع - حدّر ) و بطريقة تثير حماستهم و هو بذلك يضبط مستوى العمل و كذلك سرعة إنجازه , و فيعملون بطريقة تشبه آلة النسيج .
و كان عدد من أصحاب الأصوات الرخيمة من المخايطة يرّددون يرددون بعض الأهازيج و الأناشيد أو القصائد العربية المطوّلات , أحيانا النوادر و الألغاز الشعرية الفصحى أو الدارجة .
و أحيانا تخرج الآهات المتحشرجة من إجحاف المعزّب في عملية ( الرّكاس ) و هو استئجار الطفل اليافع بمبلغ مقطوع يستلمه ولي أمره ليتعلّم المهنة نظير أن يكون إنتاجه للمعّزب خلال فترة الاستئجار , خاصة لليافعين المركوسين يضيّق عليهم و يتحملون أعباء إضافية كتنظيف المجلس و تعبئة مصاخن الماء للبيت و ربما شراء مستلزمات بيت المعزّب و في نفس الوقت يطلب منه في النهاية إنجاز خياطة بعض مراحل البشت بسرعة !! الأمر الذي يجعله يعيش حالة تشبه العبودية , بل أشدّ لان كثيرا من العبيد وقتها يعاملون معاملة أفضل , لذا يعبّر بعض الأطفال المركوسين بأهازيج جريئة كقول أحدهم :
يا ليت ربّي ما خلق خ....تيه
و لا أحاتي ما استوت لزمتيه .
يا ليت ربّي خلقني مره !
آكل و أشرب و يضربون ......يه .
و يا ليت ربي ما خلق ....
أطبخ عشاي من العشا و أدوري .
يا ليت ربي خلق لي عريض الجبهة .
ليل و نهار ............
و في هذه الأهزوجة يتمنى الطفل المركوس أن يتنازل عن ذكورته و يصبح أنثى – على وضعها المتعب في ذلك الزمن – مفضلا حالتها على عيشته الضّنكة .
و يعلّل ايافعون المركوسون أنفسهم أحيانا بهذه الأهزوجة بينهم و بين بقية الأطفال بوصفهم منتجين بينما الآخرين لا يقومون بذلك فتقول الأهزوجة :
يا أمّ أعليو و يا أم أعبيد شوفوا أعيالكم في الجبيل !
شوفوا أعيالكم شيسوون !
من قلّة الفوايد قاموا يسوون حدايج .!
ربع نوقي ما يحصلون !.
و النوقي و الأنواق : اسم شعبي عن العملة كالريال .
و رغم ذلك تعدّ مجالس صناعة البشوت من المجالس الإنتاجية التي تضمّ فئات متعلّمة نسبيا , فجلّهم يحسن القراءة و الكتابة و, وفي الغالب يكون مرتادوه ممن له ارتباط بالمهاجر الحساوية فكثير منهم إما عمل أو يكون مؤهّلا للعمل خارج الأحساء , في البحرين أو الكويت أو البصرة أو الكاظمية أو قطر أو مسقط أو دبي أو زنجبار , غيرها لذا تجدها منفتحة على ثقافة تلك المجتمعات , و متابعة لما يحدث في الساحة غالبا . و ناقلة لثقافة تلك المجتمعات و منها الأهازيج فربما سمعت أهازيجا عراقية أو أشعارا لشعراء كويتيين , أو بحرانيين و غيرهم في تلك المجالس .
- أهازيج الصياغة :
كما أنّ هناك عددا من الأهازيج و الأبيات يقوم الصاغة بتردادها أثناء أداء بعض المهامّ كسحب الأسيام بالمطل , هي عملية يتم فيها تمرير الذهب في ثقوب المطلّ حتى و سحبها لتنتج أسلاكا تختلف حسب في سماكتها حسب الحاجة . وو عادة يهزج الصائغ بهذا البيت :
بين كلاب و مناطل قلبي تمنطل سيم
و الكلاب هو أداة من أدوات الصياغة تستخدم للإمساك بالقطعة الذهبية أثناء التسخين أو العمل .
و معنى البيت أنّ قلب الصائغ سحب بالكلاّب و المنطل حتى غدى كالسيم ( الخيط الرفيع ) جراء السّحب و الضّغط من سَورة الحبّ .
و في مقطوعة أخرى يتعجّب قائلها :
صنعنا الخرا و يّا الخراخيش * و اللّي بعدنا ويشٍ يصنعون ؟
و و معناها يشبه قول الشاعر القديم :
هل غادر الشعراء من متردّم !؟
في إشارة واضحة و لتفوّق أصناف و أنواع المصاغات الذهبية الحساويّة و تعدّدها فيما يخطر و ما لا يخطر على بال ! فيتحيرّ هنا إذا كان هذا نتاجنا فهل سيبقى شيء ليصنعه من بعدنا , و جدير بالذكر أنّ الصاغة الأحسائيون كما هو معروف لم يدعوا جزء في جسد المرأة لم يصنّعوا له قطعة أو أكثر من المصاغات .هذا عدا مهنة تزيين و تصنيع الأسلحة من خناجر و سيوف بأشكال و أنواع يصعب إحصاؤها .
و كذلك يهزج مصفّو الذّهب في الجماعة و هي ( جماع التّراب الذي يختلط به شذرات الذّهب المتطايرة أثناء ممارسة الصياغة , و كانت تصفية الجماعة مهنة يحترفها بعض الصّاغة حيث كانوا يشترون هذا التراب ثم يحملونه إلى عين قريبة كعين دلّيّل في المبرز – المجاورة لمستورة وقف البحراني المشهور مقابل فريج الشعبة – لتصفيته .
حيث يرددون :
يا وقعةٍ في دليّل يا ليت حاضرها حسن .!
أيتمتم أو يحكي أو يقول من عزرتي ترا. بجنّ!
كما يصفون حالة البهجة التي تصيبه عندما يجد قطعة ذهبية في ذلك الرتب بقولهم :
كلٍّ يدور إبطاسته في هالثّباره يفرح و ينقّز لا لقى إنتيفة اظفاره .
- أهازيج السّقيا و التصدّر :
كما يردد المصدّرة و هم العاملين على الصّدر حيث كانوا يستخدمون الحمير في رفع المياة , من الأنهار الجارية في الأحساء للغرّافات و هي المزارع التي يكون مستواها أرفع من مستوى النّهر إمّا بالعدّة أو بالصّدَر أو الغرب .
مرددين البست :
الفتر و الله هضيمة و الشّبر قيمة
و فازت بها أمّ ذراع ! .
أو تارة يشكو همه و وحدته و يقارن بين شقائه في عمله المرهق في الأجوار الحارة و الرطبة , بينما الآخرون ينعمون بالهواء العليل و النوم الهانئ مع زوجاتهم في سطوح دورهم فيقول :
كلّ على سطحه يدور البرادي و آنا على المحّال ذايب افّادي !
كلٍ على سطحه في حجره بنيّه و أنا مع المحّال يصرصر عليّا
و المحّال هو العجلة الخشبية التي ينزلق عليها الرّشا ( الحبل
المستخدم في شدّ القربة ) فيصدر احتكاكه بالمحّال صريرا .
و من أقوالهم أيضا :
و مشرّق و رايح
ياذا القمر ياللي مشرق ورايح
مرقده في البرايح
سلم على اللي مرقده في البرايح
وخنين الروايح
سلم على اللّي خنين الروايح
فوق السطوحي
يازارع المشموم فوق السطوحي
عذبت روحي ..
لاتزرعه ياشوق .. عذبت روحي
على السطح طليت ..
عذبتني ياللي على السطح طليت
وعقبه تعليت
أويتيني بروحك .. وعقبه تعلّيت .
كان ذلك مما يقولوه المصدّرون على الحمير طبعا بنغمات خاصّة أمّا المصدّرون بالبعارين كما في زراعات الرقيقة التي كان يزرع فيها الحبّ الحساوي فيقولون قصائد أخرى مثل :
يا بنت يا امّ العيون السّود خوفي من الله و حبّيني .
قالت بلى يا قليل الفود دايم عيونك تراعيني .
و إلا أنت حبّك صعيب زود دايم على النوم تزيني
و حبّ الخلا ما عليه شهود و الناس ما هوب داريني
و إن ما حصل حبّة بركود با موت و إنت تشوفيني !.
يذكر الراوية و الشاعر الحاج ناصر الحمد ( من النعاثل القبلي بالهفوف ) :
( كان كثير من أهل فريجنا من الحاكة و البنّاية ينشدون الأناشيد و يتلون الأشعار من نظمهم و من حفظهم أثناء العمل , و منهم المرحوم الشاعر عبدالوهاب العوض الذي ترك مهن الحياكة إلى البناء فيصف بأبيات فصيحة حاله و هو يكسّر بعض الجدر القويّة :
بمرزبة الحديد أقدّ صخرا أخال زأيرها زجل الرعود .
إذا بغمت يجاوبها صداها و قيل ل.....صحّ الزنود .
- زهيرية : يردّدها
تاهن افكاري و اظلن بس اروحن ( ورد)
قصد ارد اشوفه و انال من الشفايف( ورد )
مكتوب ذكره علي بين الفرايض ( ورد)
يا من يا بحسنه كتم مفروضنا ( و الدّعه )
من تقدّم رواية و اشتكى (و ادّعى ).
يقول أنت ورد كيف تشتمن( ورد) ؟
و قد يردد الحائك بعض المقطوعات مثل هذه :
يوم الخلايق نعوسي
سيرّت أنا القرية بسيفٍ و رمحين .
لاقين قصرٍ مغلّق بالحروسي
شقّحت أنا الليلة أدور المزايين .
لاقيت من يزهي بثلاثٍ لعوسي .
اللّي نهوده لون خوخ البساتين .
داخلت معه في جديد اللّبوسي .
قالت لغيري قلت و أنتِ تسدّين .
قالت بصيحن قلت وماني بجلوسي .
ولا أحدٍ مسايلني و لا الناس دارين .
قلبي يحبّ دقيّجات الحسوسي .
حكيٍ خفا ما هو معانق بعارين .!!
و للحاج محمد الجاسم الوحيمد من الفريج القبلي بالهفوف و هو من مشاهير شعراء العرضة :
ذكّرتني فتيان قومي بأمر فيه للنفس شوقها و مناها .
و دعتني إلى محافل مجد تترقّى النفوس في ذكراها .
علللاني بذكر أهل ودادي سادة الخلق بل نجوم سماها .
علللاني بذكر سيدنا المهدي هادي الورى و نور هداها
كلّما نالت اللّيالي سعدا ليلة النصف سعدها غطّاها
رفع الله قدرهم و اجتباهم ملة الدين و الهدى قد رقاها .
عالما مدد العوالم منه ملّة الدين شادها و بناها .
و يتندّرون بقولهم بعضهم في ذمّ وقود سئء لإشعال نار القهوة :
قالوا لي قش قش قلت ويشن بأقشقش ؟
يقطعك فجالٍ يجيب التّقشقاش
هذا وقود قنادكم و التقشقش
متسلّطن لي في محاميس و افراش !!
و من الزهيريات الدارجة :
دشيت بحر الهوى مطرب بشوف أقصاه
و بالك ترابع وليف ما تعرف أقصاه .
يعطيك وجه حسن و قلبه ما تعرف اقصاه
.بلبول ما فك الحذر قدره تجيب البصر
و دنياك هذي نقضيها بحيله و بصر
الصاحب ما نغثّه ناخذه بالبصر .
نسمع كلامه ثم ناخذه بأقصاه .
يا من له القلب أنحى من بعيد و سام
كثر التشاريه أرّث بالقلوب وسام
حبّه تملك ضميري من عام حام وسام .
لاني اوده مثل ما ودني وديت
شلت العزر بالوزر و على المتن وديت
و حقوق الأصحاب كملت لهم وديت
من ودّ من من لا يودّه باع فيه و سام .
حمام مالك على فرقاي تهواني
و خلاف ذاك العهد هل كيف تهواني ؟
عني تنحيت عقب ما كنت تهواني
ما ينتكن من جنابك بروض التجافي تحل
قتل النفس للنفس في أي مذهب تحلّ ؟
ودعتك الله يا ريم بقلبي تحلّ .
و شرط المودة مثل ما أهواك تهواني !.
جديد الموقع
- 2025-11-04 من هانوفر إلى الرياض معرض التحول الصناعي يعبر القارات نحو المملكة
- 2025-11-04 باحثون من جامعتي الملك عبد العزيز و(كاوست) يتوصلون لنتائج واعدة في مجال زيادة إنتاج القمح والدخن باستخدام محفزات نمو طبيعية
- 2025-11-04 برعاية سمو محافظ الأحساء وكيل المحافظة يفتتح فعاليات ملتقى الطفل بالأحساء
- 2025-11-04 محافظ القطيف يطلق مبادرة «سكرك بأمان» التثقيفية لمنسوبي المحافظة
- 2025-11-04 إطلاق "منارة نورة الفضائية" لتطوير مهارات علوم الفضاء والهندسة في جامعة الأميرة نورة
- 2025-11-04 الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي يفتتح ملتقى "الشباب والمعرفة" برعاية الأزهر الشريف
- 2025-11-04 برنامج التعاون الصناعي بكاوست (KICP) يعزز الصناعات الناشئة عبر شراكات وطنية جديدة
- 2025-11-04 مع مرور 30 عام على الإنطلاق اللجنة العليا المنظمة تبدأ الاستعدادات لسباق الشرقية الدولي ( 27 )
- 2025-11-04 "زاتكا" تحصد جائزة أفضل مركز اتصال على مستوى العالم للمرة الثالثة على التوالي
- 2025-11-04 لقاء يجمع جمعيه "تعلم" وجمعيه "بصمات" لبحث مجالات التعاون التعليمي
تعليقات
محمد حسين محمد الدريع
2016-05-25موضوع جدا جميل واشكركم على ادراج اسم وقصيد جدي زيد الدريع الله يرحمه
عبدالله العبيدان
2018-02-08تحية طيبة موضوع رائع وشكرا على ذكر قصيدة العم صالح بن محمد العبيدان رحمه الله. تقديري