أبو فارس

قصيدة لروح أستاذي وصديقي الشاعر الكبير جواد الشيخ رحمه الله

أبا فارسٍ
لو كنتَ بالعمرِ تُفتدى
لأفنيتُ عمري كي تعيشَ معمَّرا

ولو كنتَ بالأموالِ
والرّوحِ تُشترى
لأصبحتُ شرّاءً وأمسيتُ مُؤثِرا

تريّثْ ولا تعجلْ
فإنَّ بمهجتي
أحاديثَ ربعٍ قد
يضيقُ بها الثّرى

وإبريقَ شايٍ نعنعَ الحبُّ روحَهُ
على جمرِ ما بي منْ حنينٍ مُخدّرا !!

أبا فارسٍ والشّعرُ ما بينَ أضلعي
أعدَّ لكي تتلو أغانيكَ
مجمرا !!

وأقلامَ
أحلامٍ بريتَ رؤوسَها
بما كنتَ ترجوهُ طويلاً ، ودفترا

ومحبرةً خصّرتَ بالحبِّ وسْطَها
على وقعِ موسيقاكَ حتّى تخصّرا !!

ومعنىً قضى
في القيدِ دهراً فكنتَهُ
وأنصفتَ جيفاراهُ حتّى تحرّرااا

وبحراً لوى الرّبّانُ فيهِ حبالَهُ
على دندناتٍ كنتَ
فيها فأبحرا !!

رأى لؤلؤاً
قد صغتَ أحلى حليِّهِ
فما كذّبَتْ عيناهُ والقلبُ ما يرى

وثوباً حريراً مثلَ
موجٍ نسجتَهُ
لتروي لهُ ما سوفَ يأتي مُشجّرا !!

ومرجانَ أنفاسٍ
سرى في عروقِهِ
إلى آخرِ المغنى يتيماً وماسرى !!

أبا فارسٍ والليلُ بطّأَ خطوَهُ
لكي يفرحَ السّمّارُ فيهِ
وقصّرا

لتحكي لهمْ عنْ سندبادٍ عرفتَهُ
مضى دونَ خوفٍ يعتريهِ وشمّرا

وتضحكَ أنْ قاسى ليبلغَ شأوَهُ
وأنْ عادَ منْ هولِ البحارِ مُظفَّرا

أعد آهةَ " اليامالِ" إنَّ نفوسَنا
تتوقُ فأطعمْها الغناءَ
إلى القِرى !!

ولا توجزِ
الموّالَ إنَّ طريقَنا
طويلٌ ولم يُخلقْ صداكَ ليعثرا

على حسّكَ
الطوفانُ يهدأُ فالتفتْ
إلى الحزنِ فينا
كي يكفَّ ويحسرا !!

وقيّضْ لنا
خبزاً ، لنأكلَ بعضَهُ
معَ الطيرِ في
رأسِ الجبالِ وزعترا

ولا تنسَ أنْ تغري الحياةَ بقمحِنا
وتعطي لكي نحيا كراماً وتُكثرا !!

أحبُّكَ
هلْ تدري بأنّيَ لمْ أزلْ
بباعِكَ رغمَ النّائباتِ مؤطّرا ؟!

أفضْ إنّني
أشتاقُ نفحَ سريرةٍ
يراودُ عقلي حينَ يندى مُعطّرا

وبح مرّةً أخرى
ففي البوحِ طائفٌ
يمرُّ على سمعي رهيفاً مقدَّرا

وحاورْ شرايني
إذا شئتَ فالرّدى
يقولُ وأيقظني بشيراً ومنذرا !!

أبا فارسٍ واجلسْ على عرشِ فتيةٍ
أحبّوكَ إنساناً رقيقاً مُؤمّرا !!

وأوقدْ قناديلَ
الخيالِ فلمْ تلحْ
بعلياكَ إلا كي تضيءَ
وتُسفِرا !!

وطرّز بمسباحٍ
حكمتَ مدارَهُ
مدانا ليغدو أفقُكَ الرّحبُ مُقمرا

وأبرقْ فإنَّ البرقَ يحملُ موعداً
وقد مسّنا ضرٌ منَ الجدبِ مُمطِرا !!

تبسّمْ لتهمي
السحبُ من فرطِ رقةٍ
وأنتَ أرقُّ القومِ طبعاً
ومعشرا

يروحُ الفتى
في الراحلينِ لحكمةٍ
ويبقى لهُ الذكرُ المباركُ في الورى

ويخلدُ مَنْ يمشي
على الأرضِ هيّناً
ولم يلوِ بين الناسِ خدّاً مصعّرا

وشرواكَ من يهدي
إلى الكونِ والأسى
يحاولُ أنْ يطغى كماناً
ومِزهرا !!

جمعتَ ضلوعَ
اللطفِ صفّاً فأصبحتْ
إلى اللهِ جسراً عبقريّاً ومعبرا

وأوسعتْ
أطرافَ الشّماغِ مظلّلاً
علينا وما كانَ الكريمُ موفِّرا

ووقّرتَ من أدنى
إليكَ سلالَهُ
لتملأها تمراً فكنتَ
الموقّرا !!

أبا فارسٍ
مازالَ مجمرُ جمعِنا
ينادمُ نارَ الشّوقِ فينا مسجّرا

ومازالَ نخلُ الحبِّ منذُ زرعتَهُ
بأعماقِنا يا ابنَ البساتينِ مثمرا !!

رجوتُكَ
أمهلْنا فإنَّ نفوسَنا
تسيرُ كسيلٍ نحوَ بابِكَ أنهرااا

وأعذر مآقينا إذا فاضَ دمعُها
فما بلّلتْ للقبرِ إلا
لتُعذرا !!

يُسهّرُكَ الهمُّ الذي اعتدتْ ثقلَهُ
وتصحو لتقتاتَ الضّياءَ مبكّرا !!