2022/06/17 | 0 | 1475
اهدأ.. اهدأ.. لا تهتم بصغائر الأمور
في صباح يوم باكر امتطينا السيارة انا والعائلة الكريمة، متوجهين الى أحد مدن وطني الحبيب والتي تستغرق منا الرحلة بضع ساعات، نقضيها في السيارة متنقلين بين مدن بلادي الجميلة، وبعد التزود بالوقود وشراء بعض الحاجيات من ماء شرب مشعشع بالثلج وقليل من الأكل الخفيف ولا أنسي كوباً من القهوة السوداء فهي صاحبتي المفضلة اثناء القيادة الطويلة فأنا أُطَبِقُ مقولة (خُذ كوباً من القهوة، وأدِر ظهرك للعالم واستمتع بِعُزلَتِكَ. فلولا مرارة القَهْوَة، لما أستمتعنا بلذّة الحَلْوَى).
وبعد ان استوت بنا السيارة في الطريق ومررنا على بعض الإبل تجوب الصحراء بالقرب من مدينة بقيق، وشعرنا بهدوء يحيط بنا، في هذا الوقت أخرجت زوجتي الحبيبة كتاباً، كانت اعتادت في كل سفر ان تصحب معها بعض الكتب لكي نستفيد من الوقت الطويل الذي نقضيه اثناء السفر، كان الكتاب بعنوان "لا تهتم بصغائر الأمور، فكل الأمور صغائر".
أدهشني الموضوع وبتنا نقرأه بنهم ونناقشه بكل اهتمام، فالكتاب يقدم وسائل لمنع الأمور الصغيرة من السيطرة على حياتنا، جمع المؤلف د. ريتشارد كارلسون مائة (100) نصيحة تجعل منك انساناً هادئاً، تُعلِمُنا عدم القلق بشأن صغائر الأمور فنحن نبذل جهدا كبيرا في القلق بشأن صغائر الأمور فتجد الكثير منا طوال عمره مُستَنفَراً ومُستَفَزاً (بفتح الفاء)، مع العلم انه ورد عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم ان الحياة لا تساوي جناح بعوضة.
فتطبيق هذه الوسائل سيساعدك على ان تكون شخصا مفعما بالهدوء وتتحلى بالسكينة الداخلية وتعيش بسلام مع نفسك و الوصول الى راحة البال و السعادة و الرضا.
سوف أختار بعض الوسائل التي ذكرها المؤلف للاختصار و ما يتسع له المقام في هذه السطور:
أولا: سلم بالحقيقة القائلة إن الحياة ليست مثالية:
في النصيحة رقم (17) ذكر المؤلف بالتسليم ان الحياة ليست مثالية بينما نحن نجلد ذاتنا ونعذب أنفسنا ونصدر على الاخرين أحكاما قاسية، لأننا اعتبرنا ان الحياة يجب ان تكون مثالية او انها لابد ان تكون كذلك في يوم من الايام وفي الحقيقة انها لم تكن ولن تكون كذلك ابدا. انظر الى الحياة بواقعية والا سيَخِيبُ ظنُك كثيراً إن رفعت سقف توقعاتك من الناس او الحياة.
ثانيا) تعلم أن تعيش في الوقت الحاضر:
تتوقف درجة السكينة التي تغلف قلوبنا على مدى قدرتنا على العيش في الوقت الحاضر، اننا نسمح لمشكلات الماضي بالسيطرة على قرارات وقتنا الحاضر و تدمر المستقبل بدرجة تؤدي بنا الى الشعور بالقلق والاحباط والضيق واليأس، فعندما نركز على الوقت الحاضر فإننا نلقى بالخوف خارج عقولنا و نصل الى حالة الاتزان النفسي المطلوب.
ثالثا) ذكّر نفسك دائما بأن الحياة ليست حالة طوارئ:
إننا نأخذ اهدافنا بجدية زائدة عن اللزوم وننسى ان نمرح قليلا او نعطي أنفسنا بعض الراحة. إن الحياة سوف تسير بشكل طبيعي حتى ان لم تسر الامور حسب ما هو مخطط لها. فلن تنتظر الحياة منك إشارة خضراء هنا و إشارة حمراء هناك، و ان فعلت ستجد نفسك حائراً مكانك و الناس حولك يسبرون في اغوار الزمان.
رابعا) تخير معاركك بحكمة:
• هل من المهم حقا ان تثبت لزوجتك انك على حق وهي على خطأ او ان تصطدم بشخص ما لإنه ارتكب خطأ؟
• هل يهم تفضيلك لمطعم ما للدرجة التي يستحق ان تجادل بشأنه ابنائك او زميلك؟
• هل يبرر خدش بالسيارة ان ترفع دعوى على من تسبب الى المحكمة؟
• واذا كنت لا ترغب في القلق بشأن صغائر الامور فمن المهم ان تختار معاركك بحكمة اما اذا اخترت العكس فسيأتي يوم تكون حياتك كلها معارك.
خامسا) خصص لنفسك وقتا للهدوء كل يوم:
و اختم بهذه النصيحة; ففي الغالب نعيش يوما مليء بالصخب وكثير من الضوضاء والتشويش الذي يتسلل الينا خلال يوم طويل، فنحتاج الى الانفراد الذي يساعدنا على إحداث الاتزان في كمية الاضطراب التي حملناها طوال اليوم، وعندما لا تفعل ذلك فإنك ستلاحظ إنك لست على ما يرام، أقضي بعض الوقت تنظر الى مشهد طبيعي او اغلق عينيك وخذ نفسا عميقا هذا سيشعرك بالهدوء والتركيز.
الخاتمة:
وفي الختام، على الانسان ان ينزل من صومعته العالية الى واقع الحياة في تعامله مع الأمور والأشياء، وبالخصوص في تعاملك مع الناس، فنحن بشر نصيب ونُخطئ، ولسنا معصومين، اما إن كنت من الأشخاص الذين تنشغل عقولهم بكل قول أو فعل لم يعجبهم، او موقف ضايقهم، او نقد قيل في حقهم، فإن الحياة تنقلب الى بؤسٍ و شقاءٍ و تعاسةٍ و نكدٍ.
ويقول أمير المؤمنين عليه السلام: (مَن لَم يَتَغافَلْ ولا يَغُضَّ عَن كَثيرٍ مِنَ الامورِ تَنَغَّصَت عِيشَتُهُ).
جديد الموقع
- 2024-05-08 جامعة الملك فيصل تشارك في مؤتمر ومعرض الشرق الأوسط لهندسة العمليات 2024 بالظهران إكسبو
- 2024-05-07 فاطمة السحاري : لا يسعفني قلمي ولا وجعي .. فالمسافر راح .. فرحمة الله تحتويك يا "البدر"
- 2024-05-07 الخريف يرعى تكريم اللجنة المنظمة للنسخة الثالثة لـ حرفيون
- 2024-05-07 ضمن برنامج الاحتفاء بأسبوع الأصم العربي ٤٩
- 2024-05-07 أهمية الكتب الورقية: لماذا الكتاب الورقي الذي يحمله الطفل بيديه أفضل من الكتاب الذي يقرأه على الشاشة؟
- 2024-05-07 الدور الخفي لدرب التبانة في الميثولوجيا المصرية القديمة
- 2024-05-07 القراءة ونشوة المعرفة
- 2024-05-07 أنامل على الأعتاب في مدح السادة الأطياب اصدار جديد
- 2024-05-07 أنامل على الأعتاب في مدح السادة الأطياب اصدار جديد
- 2024-05-06 ابن المقرب في بيت الشعر بالقيروان