الخطوط الفنية والعملية مع كتاب عقلية فقيه (مع الشيخ حبيب بن قرين الأحسائي ) للمؤلف / الشيخ عبد الجليل البن سعد)

الخطوط الفنية والعملية

مع كتاب عقلية فقيه
(مع الشيخ حبيب بن قرين الأحسائي )
للمؤلف / الشيخ عبد الجليل البن سعد)
الطبعة الأولى
1445هجري/2024م

جزء من المقدمة :

فقد وافق الله للخلوة التأمليه به ميتا والمناجاة مع أوراقه وأخباره طويلا، فجاءت هذه الكراسة، وقد رأيت فيه عالما ربانيا ملهما وملهما ، حرا طليقا من قيود الزمن لم يرتهن بعصره، بل هو حاضر مؤثر فينا بفكره، فحياته وأثاره ليست مجرد خطوط سار هو عليها فتدلنا من أين بدأ وإلى أين انتهى به المسير هذا فحسب، ولكنها تحوي على خطط لمن أراد أن يبني ذاته ويصقل شخصيته، وعلى تخطيطات دقيقة لبعض أبنية الثقافة الدينية كالرسالة العملية مثلاً.

الخطوط الفنية والعلمية

كانت عادة العلماء فيما يسبق على عصرنا قائمة على نسج كتبهم بخيوط علمية وفنية غالية وثمينة، لأنها لا بدلها من أن تخضع لسوم العلماء وأرباب التحقيق، وراقم الرسالة العملية، وإن كان هدفه الأول هو المقلد من العوام، إلا أنه لا يستطيع التحرر من التقاليد الحوزية، ويجبر على اتخاذ الفنيات الدقيقة؛ لأنها هي التي تشفع له وتضاف إلى الأدلة التي يمكن أن يستدل بها على أنه من أهل الصنعة
فيقبلون على بضاعته فحصا ونقدا.

وسأقف مع جوانب قليلة مما ميزت به هذا النتاج
الفقهي القيم للشيخ حبيب ابن قرين الأحسائي (رضوان الله عليه ).

1/خارطة الكتاب

الخارطة العامة للكتاب تمثل في فن الكتابة لديهم
مرحلة من أصعب المراحل، يطلب من المؤلف الإشارة
إليها في ديباجة كتابه أو خطبته.

وإن الخطة أو الخارطة يجب أن تنضبط بالضابطة المنطقية أي البدء من الجنس والنزول إلى النوع فالصنف (الخواص ) ، ثم ما يعرض على الموضوع من عوارض، وكل ماتن في أي علم عليه أن لا يخفق في هذه المرحلة، وقد وضعوا مصطلحات تتولى الإشارة إلى كل دائرة من هذه الدوائر، ولا بد أن نقف عند أهم التسميات:

أ/ المقدمة والخاتمة : تعدان على هامش الخارطة
أو الخطة فلا يضع المؤلف فيهما إلا ما يستعان به على
البدء أو ما يستحسن أن ينتهي إليه الكلام .
ب/الكتاب : للمسائل المتحدة جنسا.
ج/ المقاصد :للمسائل المتحدة نوعا.
د/ الفصل : للمسائل المتحدة صنفا .

وربما استخدمت تسميات أخرى فالباب للجنس
والمقالة في النوع، والمبحث للصنف.

2/المطلب : سمي من حيث أنه موضع الطلب أي كأنه يقع فيه الطلب ، وقد استخدم الشيخ ابن قرين
(رضوان الله عليه)
هذه اللفظة بالذات في هذا التصنيف
3/ تنبيه : وهو يأتي بمعنى بيان الشيء قصدا بعد
سبقه ضمنا على وجه لو توجه إليه السامع الفطن بكليته لعرفه، لكن لكونه ضمنيا ربما يغفل عنه... وعرف بما يعني الأمر المتعلق بالمباحث المتقدمة، إنما ذكر في حيزه بحيث لو تأمل المتأمل في المباحث
المتقدمة لفهمه .

وقد وقع استخدام التنبيهات من الفقيه ابن قرين (رضوان الله عليه ) في مواطن عدة ضمن مباحث رسالته الشريفة ، ومن النادر جدا فيما أعلم استخدام الفقهاء في رسائل الفتاوى المجردة التنبيهات، لكنه قد تيسر ذلك من شيخ هذه الدراسة .
ويعجبني هنا أن أنبه على أن تخلي الأدب الكتابي العلمي في هذه العصور عن هذه الطرق ليس لأن رواده ينظرون إلى ذلك الأدب القديم بعين التعقيد الذي لا ينبغي، وإن ظن ذلك الكثير غفلة عن الحقيقة القائلة بأن العلماء في عصور ما قبل الشهادات الرسمية كانوا يحتاجون إلى أن يروا الشهادة الحسية على بلوغ المؤلف المراتب العليا وهي تطوق المؤلف الذي بيد مؤلفه، ونحن لئن تخلينا اليوم عن الشيء الكثير مما عليه أدبهم، فمن المأمول أن يكون لدينا ما نودعه مكان ما ندعه، وأن نتحلى بشيء بقدر ما نتخلى عن شيء آخر، عسى أن يبرهن فقهاء العصر على أنهم ما تركوا تحري الدقة على الطريقة القديمة إلا لاشتغالهم بأساليب جديدة تضمن نتائج تدقيقية أكبر .

4/معلومات وتضمينات مشوقة

وإذا تحدثنا عن فنياته في جانب مختلف فإننا لن نبتعد عن اتخاذه بعض أساليب التشويق في حدود ما يتناسب مع علمية وعملية الرسالة الفتوائية طبعا، وهذا لا شك ينطبق على طريقة التقسيم والتشجير للمواضيع التي ألمحنا إليها إجمالا، ومما يندرج ضمن فنياته أيضا بناء نوافذ أخلاقية وسط جدران المطالب الغليظة وهذا مما قد تمكنا من الوقوف عليه سابقا، ولكن ما يلفتني أكثر هو قذفه بالمعلومات الدينية العامة سواء - ما كان من باب الملاحم والفتن أو مما عداها .
على ذهن القارئ وكأنه يدمج حصص المطالعة بحصص التعلم! إمعانا في التشويق بنظرة، ودسا لبعض الخيوط العقدية في نسيجه الفقهي بنظرة أخرى !!