أقلام وكتابات
2022/06/11 | 0 | 1210
الأستاذ/ عبدالله الجاسم أنموذجا و التفكير خارج الصندوق
( زكي محمد الخويتم )
قليل هم أولئك الذين يفكرون بشكل مختلف عن المألوف و بشكل مبدع و خارج الإطار الذي وضعه لهم المجتمع و العادات الموروثة و ربما الثقافات السائدة في ذلك الوقت الذي عاصروه، و كما يقولون "التفكير خارج الصندوق" و لعلي احسبها عبارة تُستعمل للإشارة إلى التفكير الإبداعي.
و إذا و جدت من يفكر خارج الصندوق، فقليل هم من يستمر في تطبيق مشاريعه و الإصرار على التمرد على مجتمعه و الخروج عن الثقافة السائدة لإنجاح أفكاره و اطروحاته الإبداعية و المُبتكرة.
و من اقوى الحواجز انه يتطلب الخروج من الأفق الفكري و المنهج التقليدي و التمسك بقدر من التفكير العميق و الابتعاد عن التقليد في تفكيرنا. و ينتج عن ذلك تحمل اتعاب نفسية و معنوية لصاحب هذا الذهن المتوقد الذي عادة يتحول الى إلحاق أذى وهجوم عنيف من اشخاص او مجتمعات.
لست هنا في صدد شرح هذه الفكرة و ما لها و ما عليها فهناك الكثير قد كُتب و مقاطع الفيديو موجودة يمكن الرجوع اليها، لكنني في صدد الإشارة الى شخصية راقبتها عن كثب و كانت بالنسبة لي في موضع تسائل دائم، و اقطع ان شخصيتنا جسدت عن قرب معنى التفكير خارج الصندوق من حيث كانت تدرك هذا المعنى او بالفطرة و الحدس الذي تمتلكه هذه الشخصية كان مسعاها موفق الى حد كبير في تجسيد هذا المعنى.
إذاً دعونا نتعرف على سمات الشخصية التي تتمتع بالتفكير خارج الصندوق ونسقطها على شخصيتنا في هذا التعريف البسيط:
أتذكر دوما شخصية في قريتي المطيرفي باسم عبدالله عبدالمحسن الجاسم من الجيل الذي سبقنا، كان شغوفا بتعلم كل جديد و محبا للثقافة و الادب و قد سمعته يردد هذه الكلمات في أكثر من مناسبة، و كان مولعاً بجمع الكُتب و ما يحصل عليه من إنتاج معرفي أياً كان نوعه، يناقش الأفكار و المشاكل بعمق فهو الانسان المطلع على كل شاردة و واردة عرفت انه يركز على الإيجابيات و يُحَلِّقُ في سماءها الصافية، مُصِرٌّ عَلَى مَوْقِفِهِ، ثَابِتٌ، مُلاَزِمٌ على تحقيق أهدافه المتألقة و التي تناطح السماء علواً.
في ذلك الوقت كنت اشعر بالغرابة قليلا، اختلف معه أحيانا و اتفق معه كثيرا، في نفسي قلت هذا مثقف مشاغب فلماذا كل هذا العمل الدؤوب من اجل التحليق في فضاءات الفكر و الأدب والثقافة، و مع مرور الزمن اكتشفت بان الرجل كان يفكر خارج الصندوق و على غير المألوف حين ذاك.
فكان الأستاذ بومحسن شَغُوف بالأدب و الثقافة و الابداع، و الكتاب ، كما انه صادَقَ الكلمة و تَزودَ من ضياؤها و أيقن بفائدة الناس منها ، لذلك نذر نفسه بأن يكون حارسا و رافدا لكل كلمة صدق. فمنذ سنوات صباه وتعلمه في الكتاتيب والمدارس النظامية ثم عمله موظفًا، هذا باختصار شديد، حتى شقَّ طريقه في ظروف شابها الكثير من المصاعب والمشاكل التي عصفت بكثير من المبدعين، ولكن عبدالله الجاسم أبدًا لم ينثني عن مبادئه التي تمسك بها فعاش مفيدًا نافعًا.
• خصائص الأشخاص ذوي (التفكير خارج الصندوق)
هناك بعض الخصائص التي يتصف بها الناس الذين يفكرون خارج الصندوق دعونا نذكر منها باختصار ونتَلَمّسَها في حياة الأستاذ بومحسن:
1. أن تفكر بطريقة مُختلفة وبعقل متفتح:
عرفت الأستاذ بومحسن تقبله لكل الأفكار دون تحيز لفئة او تقوقع حول فكرة معينه واحدة كان منفتح ويتقبل الأفكار والأفعال المختلفة من كل الجهات. فلم يقبل فكرة فريق واحد او تيار محدد بل كان منفتح على الكل، مما جعله صاحب اطلاع على كل المعارف والاتجاهات يأخذ من رحيق كل زهرة أحسنها (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ).
2. استخدام أحدث الطرق:
هكذا تميز الأستاذ عبدالله الجاسم في المبادرة باستخدام الطرق الحديثة في توصيل الأفكار و الحرص على نشرها و قد شاهدناه و عاصرناه و هو يؤسس موقع المطيرفي الالكتروني في زمن مبكر من عالم الشبكة العنكبوتية، ليكون موقع المطيرفي من السباقين في هذا المجال. حتى أصبح موقع المطيرفي كما عبر عنه القائمون عليه "يمزج بين الأخبار والمواضيع الدينية والاجتماعية والرياضية والاجتماعية ومقالات لكبار الكتاب".
3. القدرة على دعم الآخرين:
لم يبخل الأستاذ بومحسن في دعم من عرف و من لم يعرف بالنصح او بالخبرة الكبيرة التي جمعها فكان صاحب قلب كبير يتعاون مع الجميع و يبذل قصارى جهده في توصيل ابداعات اهل قريته بل و اهل محافظته و اتسع عمله كل الوطن و لست مبالغا ان قلت انه واصل نحو افاق أوسع من ذلك مجسدا قول النبي صلى الله عليه و اله و سلم (أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ)، و كم مرة رأيته و هو يمتلكه السرور فرحا بنجاح شخص من قريته و يعبر عنها بلسانه او قلمه و ناهيك عن سحر ابتسامته المعهودة.
4. اهتم بالجودة لا الكمية:
المتتبع لإنتاج الأستاذ عبدالله سواء كان من خلال موقع المطيرفي او غيرها من انتاجه المكتوب و المرئي، ويجد فيه حسن الاختيار و التركيز على الجودة، فلم ينجر موقع المطيرفي الى سفاسف الأمور و صغائرها بل اسْتمرَّ محافظا على الأصالة في الطرح و الابتعاد عن المهاترات السطحية، فصار مزارا لكل قلم رصين و فكر عميق و اخبار متزنة، فالتفكير خارج الصندوق يُحتّم ان لا تستعجل النتائج، بل اعط نفسك فرصة لاختيار الأفضل من كنز الأفكار الرائعة.
الخاتمة
هذا ما اتسع به المقام والا الحديث في هذه الفكرة ذو شجون ويحتاج الى فحص عميق من اهل الخبرة والتدقيق، تأخذ الموضوع خارج الصندوق وتضعه في مكانه المرموق، لكي نستفيد من تجربة الأستاذ عبدالله الجاسم طوال السنين التي كانت مليئة بنشاط جله مفيد و نافع، و يبقى للأجيال طريق ناجع، ففي هذا الطريق همة، وابداع، و دقة، ونجاح.
جديد الموقع
- 2024-05-09 ما بعد الوظيفة (2)
- 2024-05-09 ناصر الجاسم.. في مجموعته القصصية «العبور».. القاص المسكون بهاجس من ذاكرته الشعبية.
- 2024-05-09 كيف يصرح الأديب بحبه
- 2024-05-09 (التعويض عن الضرر المعنوي في النظام السعودي)
- 2024-05-09 الدفاع المدني بمنطقة القصيم تكرم الإعلامي زهير الغزال
- 2024-05-08 جامعة الملك فيصل تشارك في مؤتمر ومعرض الشرق الأوسط لهندسة العمليات 2024 بالظهران إكسبو
- 2024-05-07 فاطمة السحاري : لا يسعفني قلمي ولا وجعي .. فالمسافر راح .. فرحمة الله تحتويك يا "البدر"
- 2024-05-07 الخريف يرعى تكريم اللجنة المنظمة للنسخة الثالثة لـ حرفيون
- 2024-05-07 ضمن برنامج الاحتفاء بأسبوع الأصم العربي ٤٩
- 2024-05-07 أهمية الكتب الورقية: لماذا الكتاب الورقي الذي يحمله الطفل بيديه أفضل من الكتاب الذي يقرأه على الشاشة؟
تعليقات
بو محمد البحراني
2022-06-11يستاهل بوعبدالمحسن، فهوا رجل القول والعمل. يحبه حتى من يختلف معه في الرأي لدماثة خلقه. شكرا لك ابا كميل.