2019/09/28 | 0 | 1613
أرامكو وتعزيز مفاهيم القيم
عندما التحقت بشركة أرامكو في عام 1984م، وبالتحديد في مدينة بقيق القابعة في وسط الصحراء، كنجمة متلألئة تنير الدرب في هذا الوطن المعطاء، لفت انتباهي الى ملصقات جميلة في كل قاعة او مكتب او في ممرات مبانيها المتناثرة حول معامل الزيت و الغاز ...... تَزَيّنَت بها الجدران التي تحكي قصة نجاح الآباء والأجداد الذين بنوا تلك الصروح الشامخة.
ملصقات تحمل معاني سامية وقيم عالية لطالما قرأنا عنها في الكتب او سمعنا عنها من افواه الخطباء، وكان في حسباني أن تلك القيم فقط في بطون الكتب ونظريات بعيدة عن التطبيق العملي، ولها زمان غير هذا الزمان، فكان استنتاجي الأولي انها ملصقات وضعت للزينة وجزء من الديكور الداخلي.
وبقي السؤال يُلاحقني:
ما علاقة شركة عملاقة تزود العالم بموارد الطاقة بالدعوة الى القيم والمبادئ؟
وزادت حيرتي عندما شاهدت التأكيد والإصرار من مسؤولي الشركة، فلا يفوتون فرصة إلا ويؤكدون على التقيد وتطبيق قيم الشركة أو ما أطلقوا عليه "قيمنا".
هنا أدركت ان ترسيخ العمل بهذه القيم يحتاج الى تعزيز القناعة عند كل الموظفين، فسر ما يميز هذه الشركة ان يخضع كل ما تقوم به للقيم التي وضعتها: المواطنة، والسلامة، والمسؤولية، والتميز، والنزاهة، وتريد الشركة تحقيق مستويات أداء وكفاءة متميزة من خلال تطبيق قيمها.
فعلى سبيل المثال عُرِفَ موظف أرامكو بتمسكه بقيمة السلامة (سيفتي) (Safety) حتى أصبحت قيمة السلامة ثقافة سائدة عند موظفيها داخل العمل وخارجه.
هنا لابد من الإشارة الى ان الشركات الكبرى في العالم أصبحت تتبنى مفهوم غرس القيم في هذه الشركات، ولماذا تهتم الشركات العملاقة مثل أرامكو وسامسونج وشل وغيرها بوضع قيم لبناء مجتمع فاعل داخل هذه الشركات، بل أن أغلب منظمات العالم ومؤسساته تعتمد على القيم وتضع مجموعة من القيم كشعار ومبدأ لا مفر عنها، وهذا ما يهمني في هذا التأمل المتواضع ان نطرح السؤال الأهم وهو كيف تنجح مثل هذه الشركات في غرس وتعزيز هذه القيم عند موظفيها بطريقة احترافية وبخطط محكمة والبعد عن العشوائية وردود الأفعال المقتضبة.
اذاً نحن بحاجة الى عمل برامج احترافية تشارك فيها جميع الجهات والمؤسسات المعنية لكي تحصل على حراك نوعي في بناء مثل هذه البرامج التي تغرس وتعزز القيم في مجتمعاتنا.
1. ينبغي ان يكون هناك برامج بأعلى المستويات في المدارس والجامعات بل كل دور التعليم لطرح القيم بصورة حضارية وجذابه ترتقي الى مستوى هذا العصر المتسارع في الحداثة والتطور.
2. لابد لجميع مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني ان تحمل على عاتقها ترسيخ القيم في كل شؤونها فكم هو مؤذٍ ان ترى قائد سيارة تابعة لجامعة عريقة في وطني يتهاون بكل قوانين المرور فلا يعبه بقيم السلامة وهكذا دواليك.
3. ولن يختلف اثنان على دور الإعلام اليوم في إمكانه على التأثير الواسع في ترسيخ القيم بأن يكون في طرحه اليومي نصيب أمام الناس.
فهل نتصور عندما يكون لدينا برنامج كبرنامج قيمنا في أرامكو كيف سيكون حال مجتمعنا عليه بعد سنتين مثلا، كم سوف يوفر المجتمع من أموال ويمنع الخسائر البشرية عند تطبيق قيم السلامة، كم سوف يصلح من أمور المشاريع المتعثرة عندما نطبق قيم النزاهة، وهل سوف نرى الافراد أيضا يبادرون برفع شعار القيم في النفوس، لنعيش في زمن القيم العظيمة بدل من زمن انقلاب الصورة حيث البقاء للأقوى، وأصبح يتطلب مفهوم القوة أن أكون أكثر كذباً ، وأفرط غدراً، وأكثر نفاقاً، وأعظم خيانة.
ختاما قال الله سبحانه وتعالى في قصة موسى عليه السلام: «يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين». الذين يرفعون القيم هم الأقوياء والأمناء، وهم الذين يحملون مشعل الخير.
وإلا سوف يكون الحال كمال قال احمد شوقي:
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم *** فأقم عليهم مأتما وعويلا
جديد الموقع
- 2024-05-09 ناصر الجاسم.. في مجموعته القصصية «العبور».. القاص المسكون بهاجس من ذاكرته الشعبية.
- 2024-05-09 كيف يصرح الأديب بحبه
- 2024-05-09 (التعويض عن الضرر المعنوي في النظام السعودي)
- 2024-05-09 الدفاع المدني بمنطقة القصيم تكرم الإعلامي زهير الغزال
- 2024-05-08 جامعة الملك فيصل تشارك في مؤتمر ومعرض الشرق الأوسط لهندسة العمليات 2024 بالظهران إكسبو
- 2024-05-07 فاطمة السحاري : لا يسعفني قلمي ولا وجعي .. فالمسافر راح .. فرحمة الله تحتويك يا "البدر"
- 2024-05-07 الخريف يرعى تكريم اللجنة المنظمة للنسخة الثالثة لـ حرفيون
- 2024-05-07 ضمن برنامج الاحتفاء بأسبوع الأصم العربي ٤٩
- 2024-05-07 أهمية الكتب الورقية: لماذا الكتاب الورقي الذي يحمله الطفل بيديه أفضل من الكتاب الذي يقرأه على الشاشة؟
- 2024-05-07 الدور الخفي لدرب التبانة في الميثولوجيا المصرية القديمة